الكسلان حمل على ظهر المجتمع

   الإنسان مخلوق حيوانيّ لا يستطيع أن يعيش إلّا بالمأكل والمشرب. وهذان لا يتيسّران له بغير الاجتهاد والتعب. فالكسلان لا يُحَصّل قوتَه لأنّه لا يشتغل ولا يتعب. فحياته، بدون ريب، يوفّرها له المحيط الذي يعيش فيه. فهو إذًا، عالةٌ وحمل على ظهر هذا المحيط، يحيا كالطفيليّات الحيوانيّة والنباتيَّة، على حساب غيره.

   إنّ الناس، بما فطروا عليه من الشفقة، يتحمّلون هذا العبءَ ويقدّمون للكسلان من القوتِ ما يسمح له بالبقاء حيًّا. فالأب يحتمل بصبرٍ ومضضٍ ابنه الكسلان ولا يطاوعه قلبُه وحنوُّه الأبويّ على نبذه وطرده من بيته.

   والتلميذ الكسول واسطة دائمة  لتعب المعلم، وحمل ثقيل عليه وعلى الرفاق؛ ومع ذلك فيتركونه في الصفّ اضطرارًا. ولو أنصف الأب لأخرج ابنه الخامل من بيته الذي تعب في بنائه؛ ولو عدلت المدرسة لتخلّصت من الكسلان حتّى يسْهُلَ التحصيلُ على سائر رفاقه المجتهدين.

   فالحيوانات والطيور المسيّرة بالغريزة لا تعطف على الكسول الخامل فيها:

فالنحل مثلًا يطرد اليعاسيبَ الكسالى أو ذكور النحل إذا اقتربت من القفير لتمتصّ العسل، وكثيرًا ما تهاجمها وتقتلها دون رحمةٍ، ولا ترضى أن تكون حملًا ثقيلًا عليها.

                                   يوسف س. نويهض